أثارت الخطوة الأخيرة للحكومة المتعلقة بمشروع قانون التنظيم الذاتي للصحافة والنشر جدلاً واسعاً، بعدما عقدت الهيئات النقابية والمهنية للقطاع، يوم الأربعاء 24 شتنبر 2025، اجتماعاً عاجلاً مع قيادة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالمقر المركزي للمنظمة بالدار البيضاء، لبحث “التجاوزات الصادمة” التي يتضمنها المشروع.
الاجتماع، الذي ترأسه الكاتب العام للكونفدرالية عبد القادر الزاير بحضور أعضاء المكتب التنفيذي، شهد مشاركة وفود من النقابة الوطنية للصحافة المغربية، الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال (UMT)، النقابة الوطنية للإعلام والصحافة (CDT)، والكونفدرالية المغربية لناشري الصحف والإعلام الإلكتروني، حيث قدمت الهيئات عرضاً مفصلاً عن ما وصفته بـ “محاولة الحكومة السيطرة على القطاع وتهميش الفاعلين الحقيقيين فيه”.
وأكد المسؤولون النقابيون أن المشروع يمنح الأفضلية لفئة محدودة من الناشرين، ويقوض استقلالية الصحافة، ويقصي الغالبية العظمى من التنظيمات المهنية والنقابية. وأوضحوا أن اعتماد “نمطين مختلفين في الاقتراع”، الانتخاب الفردي للصحافيين والتعيين عبر الانتداب لفائدة الناشرين، يمثل ضرباً لجوهر العمل الصحفي وروح الديمقراطية.
وطالبت الهيئات النقابية بسحب المشروع فوراً من مجلس المستشارين أو تأجيل مناقشته، وإعادته إلى طاولة الحوار الاجتماعي القطاعي، مؤكدة أن استمرار المناقشة في هذا الشكل يعكس “التمادي في فرض الهيمنة الحكومية على قطاع كان يعتبر نموذجاً للتنظيم الذاتي”.
وفي معرض كلمته، لم يتردد الكاتب العام للكونفدرالية عبد القادر الزاير في تحميل الحكومة مسؤولية التراجع الذي يشهده القطاع، معتبراً أن تدخل السلطات في إعداد المشروع “يناقض الدستور ويضرب فلسفة التنظيم الذاتي للمهنة”. وأكد أن الكونفدرالية “تساند الحركة النقابية والمهنية في مواجهة هذه السياسات، وستقف إلى جانبها حتى إعادة قطاع الصحافة إلى رجاله ونسائه على أسس الديمقراطية، الشفافية والتعددية”.
وخلص الزاير إلى أن الحكومة مطالبة بالاستماع للهيئات النقابية والمهنية والعمل على إنتاج تشريع يحترم حرية واستقلالية الإعلام، ويعيد الاعتبار لحقوق الصحافيين، معتبراً أن أي تمرير للمشروع في صيغته الحالية “سيكون بمثابة وصاية سياسية على الصحافة، وتهديداً للمكتسبات المهنية للمجتمع الإعلامي بأكمله”.
