نظّمت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، صباح أمس الإثنين 21 يوليوز 2025، ندوة صحفية بالمقر المركزي بالرباط تحت شعار: “لنتعبأ جميعاً من أجل تمثيلية مهنية عادلة، وقواعد قانونية عصرية وديمقراطية”، وذلك في إطار كشف مضامين المذكرة المفصلة التي وجهتها النقابة إلى الحكومة والبرلمان والمؤسسات الوطنية بخصوص مشروعي القانونين 026.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، و027.25 القاضي بتغيير وتتميم القانون 89.13 الخاص بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين.
وفي مداخلته خلال الندوة، أكد عبد الكبير أخشيشن، رئيس النقابة، أن قطاع الصحافة بالمغرب يمر بمرحلة “دقيقة ومصيرية”، داعياً إلى إصلاح قانوني حقيقي ينطلق من تحديث عادل وشامل للمنظومة التشريعية. وقال أخشيشن إن الندوة تأتي في سياق مواجهة ما وصفه بـ”الارتباك التشريعي الذي يهدد التنظيم الذاتي للمهنة ويقوض مكتسباتها”.
وأشار رئيس النقابة إلى أن التأخر في مراجعة القوانين المنظمة للمجال الصحفي لم يعد مقبولاً، مشدداً على أن “الزمن التشريعي أصبح له كلفة كبيرة”، وأضاف: “منذ نهاية الولاية الأولى للمجلس الوطني ونحن نؤكد أن الوقت يضغط، وكان لا بد من مخرج قانوني لضمان استمرارية التنظيم الذاتي وتفادي الفراغ المؤسساتي”.
وفي استعراض للسياق التاريخي، أوضح أخشيشن أن النقابة كانت من أوائل الهيئات التي تبنت فكرة التنظيم الذاتي منذ بداية التسعينيات، مشيراً إلى أن أول مشروع قانون لإنشاء المجلس الوطني للصحافة قدم سنة 2006، وأن القانون المعتمد سنة 2016 جاء نتيجة توافقات واسعة شملت مختلف الفاعلين المهنيين.
وانتقد أخشيشن بشدة مشروعي القانونين الجديدين، معتبراً أنهما يشكلان “تراجعاً خطيراً يمس بوحدة الجسم الصحفي”. وخصّ بالذكر مشروع القانون 026.25، الذي قال إنه يتجه نحو إلغاء التمثيلية النقابية والمهنية لصالح نظام “الاقتراع الفردي الاسمي”، وهو ما اعتبره “نظاماً هشاً يضرب وحدة المهنة ويكرّس التشتت بين الصحافة الورقية، والإلكترونية، والإذاعية، والتلفزية”.
كما عبر عن رفضه لما اعتبره “محاولة تشويه العمل النقابي وتشتيت صورة المجلس الوطني”، مؤكداً أن هذه المقاربة “لا تنسجم مع المرجعيات الدستورية والمواثيق الدولية التي تصون حرية التعبير والتنظيم الذاتي للمهن”.
وفي سياق رؤية النقابة، شدد أخشيشن على أن النقابة لا تعارض الإصلاح، بل تطالب بقوانين جريئة “تحمي حرية التعبير وتضمن المسؤولية المهنية”. وأضاف: “نريد مجلساً ينحاز للحريات، يؤمن بالمسؤولية الذاتية، وليس مجلس ضبط إداري يحول الزملاء إلى متهمين مسبقين”.
كما دعا إلى نقاش تشريعي متكامل يأخذ بعين الاعتبار العلاقة بين قانون الصحافة والنشر، وقانون الصحفي المهني، وقانون المجلس الوطني للصحافة، معتبراً أن تركيز النقاش العمومي على بطاقة الصحافة فقط، “يغفل الجوانب الجوهرية المرتبطة بالبنية المقاولاتية الهشة للمهنة”.
وأنهى أخشيشن مداخلته بدعوة كافة الصحافيين إلى توحيد الصفوف وتغليب المصلحة العامة للقطاع، قائلاً: “كنا نأمل أن تكون هذه المرحلة لحظة ديمقراطية للتدافع بالأفكار من أجل الإصلاح، لا أن نجد أنفسنا في موقع الدفاع عن مكتسبات راكمناها بشق الأنفس”.
كما لم يُخفِ وجود نقاشات واختلافات داخل النقابة حول بعض التفاصيل، مؤكداً على أن “الاختلاف مشروع، لكننا نسعى للقاء على أرضية مشتركة تضمن مستقبل المهنة وتصون كرامتها”.
تجدر الإشارة إلى أن المذكرة التي قدمتها النقابة إلى السلطات تتضمن مقترحات عملية لتعديل بنود مشروعي القانونين المذكورين، وتوصيات تهدف إلى حماية حرية الصحافة وضمان استقلالية المجلس الوطني وتحصين آليات التنظيم الذاتي.
