–الزملاء والزميلات في مختلف القطاعات المهنية
-الأصدقاء والصديقات في الصف الديمقراطي والحقوقي والمدني والنقابي
-الحضور المتنوع والمتعدد
-مرحبا بالجميع
سعداء في المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية أن نلتقي مجددا في فضاء النقابة من أجل مناقشة قضايا وانشغالات مهنتنا، وفي هذه المحطة لعرض تفاصيل المذكرة الموجهة للحكومة والبرلمان والمؤسسات الوطنية المعنية ب: “مشروع القانون رقم 026.25 يتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، ومشروع قانون رقم 027.25 يقضي بتغيير وتتميم القانون 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين.”
- السياق:
يأتي هذا العمل المنجز من قبل النقابة الوطنية للصحافة المغربية في سياق الدينامية التشريعية التي يعرفها قطاع الصحافة والإعلام ببلادنا، ولاسيما عقب إحالة مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة على أنظار البرلمان.
وإذا كانت الحاجة إلى مراجعة الإطار القانوني المنظم لهذه المؤسسة تفرضها حصيلة التجربة السابقة وما شابها من أعطاب تقنية ووظيفية، فإن النقاش لا يمكن أن يستقيم دون التوقف عند عدد من النقاط التي ترفض أو تتحفظ بشأنها النقابة، ومنها المثير للجدل من قبيل الآلية المعتمدة لانتخاب ممثلي الصحافيين المهنيين داخل المجلس.
وقبلها نذكر أن النقابة الوطنية قامت بكل أدوارها لحماية مكسب التنظيم الذاتي، بدءا من انتقاد القانون المحدث للمجلس فور التصديق البرلماني عليه، أو من خلال بلاغات المكتب التنفيذي ودورات المجلس الوطني التي نبهت لعامل الزمن في ضمان انتظام تجديده وفق شروط ومراجعات جديدة.
من هذا المنطلق لم نقف ضد احداث اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر واعتبرناها آلية تستجيب لمطلب النقابة في تجويد الشق القانوني للتنظيم الذاتي.
وخلال سنة كاملة انخرطنا كنقابة في نقاش مهني أشركنا فيه عددا من الفعاليات الوطنية والدولية عبر 18 ندوة دولية ووطنية، إضافة لعدد من آليت إشراك المهنيين في تشخيص واسع وعري أسفر عن مذكرة متكاملة.
وبعد وضع المذكرة لدى اللجنة المؤقتة، كنا ننتظر أن ينفذ الوزير وعده باستقبال النقابة خلال بداية التشكل التشريعي للقوانين الثلاث، وحين شعرنا بتمدد الوقت دون تحقق ذلك، اصدرنا ثلاث بلاغات للتذكير والتحذير، وطلبنا لقاء لم يتحقق، حتى فوجئنا بالمسار الذي اتخذته هذه القوانين.
رد فعلنا كان مسؤولا، وفي اجتماع المكتب التنفيذي قررنا سلك تدبير تراتبي للترافع والاتصال، وهيأنا مذكرة مفصلة، توجهنا بها للحكومة والبرلمان لتدارك ما اعتبرناه نصا معيبا وتراجعنا وفيه مسا بالدستور في مجموعة مواد، بل وكارثيا على العمل النقابي الذي تم استهدافه بشكل مباشر.
إن تجاهل الهيئات النقابيّة في هذا المشروع يبدأ من الديباجة التي عرفت الناشرين وتجاهلت الصحافيين، وهو مدخل تصحيح هذه الرؤية التمييزية التي تضرب مبادئ دستورية تحدد شكل تدخل الحكومة في مثل هذه النصوص، وتسيج المقتضى التأطيري للهيئات النقابية من كل إقصاء.
لقد اختار المشروع، في صيغته الحالية، اعتماد نمط الاقتراع الاسمي الفردي، ضاربا بذلك عرض الحائط ما كرسته التجربة السابقة من اعتماد اللائحة المهنية، وما تقتضيه المبادئ الدستورية والمرجعيات الدولية ذات الصلة المؤسسة على معايير التنظيم الذاتي المستقل والديمقراطية المهنية التشاركية.
هذا الخيار وفق عدد من المعطيات والمؤشرات بمشروع القانون تعد تراجعا واضحا عن منطق الحكامة الديمقراطية، الذي يفضي أيضا إلى تهميش التنظيمات النقابية ويفتح الباب أمام منطق فرداني هش، يضعف مشروعية التمثيل ويقصي فئات مهنية بأكملها، وعلى رأسها العاملون في الإعلام السمعي البصري والصحافة الجهوية والمستقلون.
إن الصيغة التي جاء بها تفضي كذلك إلى انتهاك قواعد المساواة والتمثيلية النسائية والتعددية، إذ باعتماد الاقتراع الاسمي الفردي يتضح السعي نحو ضرب التمثيلية المهنية النقابية وتكريس نزوعات الاحتكار.
- منافسة فردية معزولة:
يشكل النمط المعتمد في الفرع الثاني من مشروع القانون رقم 26.25، الذي ينص على الاقتراع الاسمي الفردي في انتخاب ممثلي الصحافيين المهنيين، خرقا واضحا لعدد من المبادئ الدستورية والمرجعيات الدولية الملزمة للمملكة المغربية.
ويكمن الخلل في إقصاء التنظيمات النقابية من آلية الترشح، مما يحول التمثيل المهني إلى منافسة فردية معزولة، بدل أن يكون تمثيلا مؤطرا ومنسجما مع البناء الديمقراطي المهني مؤطرا بالبرامج والمشاريع لترقية وتحصين وحماية تجربة التنظيم الذاتي بدل تكريس اختيارات فئوية وفردانية ضيقة تخدم حسابات عددية ويمكن حصر الخروقات في:
- خرق مبدأ المشاركة النقابية المكرسة دستوريا، بحيث ينص الفصل 8 من الدستور المغربي، على أن المنظمات النقابية للأجراء تساهم في الدفاع عن الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للفئات التي تمثلها، وفي بلورة السياسات العمومية وإعدادها وتنفيذها وتقييمها، غير أن اعتماد الاقتراع الفردي في انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة من فئة الصحافيين المهنيين دون الاعتراف بدور النقابات في اقتراح اللوائح أو تقديم مرشحيها، يقصي هذه التنظيمات من المشاركة في مؤسسة يفترض أنها تنظيم ذاتي للمهنيين، مما يفرغ مقتضيات الفصل 8 من محتواها العملي، ويقلص الوظيفة النقابية إلى مجرد مراقب هامشي بدل فاعل مؤسسي.
- مساس بمبدأ التعددية والتمثيلية العادلة المنصوص عليها في الفصل 11 من الدستور، الذي شدد على وجوب تنظيم الانتخابات وفق مبادئ الشفافية والحياد وتكافؤ الفرص، لكن النمط الفردي الاسمي يؤدي علميا إلى تهميش عدد من فئات الصحافيين من قطاع معين، وربما يفتح المجال أمام هيمنة فئة محددة، مما يقوض مبدأ التمثيل العادل والتعددي.
- مخالفة لمقتضيات الفصل 12 من الدستور بخصوص الديمقراطية التشاركية، والذي جاء مؤكدا على حق الجمعيات والمنظمات المهنية في المساهمة في إعداد القرارات والمشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وإذا كانت الصحافة مهنة منظمة، فإن إقصاء التنظيمات النقابية وعلى رأسها النقابة الوطنية للصحافة المغربية الشريك التاريخي منها في مرحلة الترشح والاقتراع هو إقصاء ضمني من المساهمة في القرار المهني التشاركي؛
- تعارض مع الالتزامات الدولية للمغرب في مجال حرية التنظيم النقابي والتمثيل المهني، وفي هذا السياق أقرت المملكة المغربية عددا من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، أبرزها، اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 لسنة 1948، بشأن الحريات النقابية وحماية الحق في التنظيم، واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 98 لسنة 1949 بشأن الحق في التنظيم والمفاوضة الجماعية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966، لذلك نعتبر من جانبا أن النظام الانتخابي المعتمد في مشروع القانون يخالف هذه المرجعيات، لأنه يهمش التنظيمات النقابية التي يفترض أن تكون هي الوسيط الطبيعي بين الصحافيين ومؤسسات الحكامة المهنية، ويحرمها من التمثيل في مؤسسة يفترض أنها آلية للتنظيم الذاتي للمهنة.
- تغييب التمثيلية النقابية، بحيث ان اعتماد الاقتراع الاسمي الفردي يقصي عمليا التنظيمات النقابية من لعب دورها الطبيعي في تأطير الجسم الصحافي وتمثيله ولاسيما النقابة الوطنية للصحافة المغربية التي كانت أحد الشركاء مؤسسة التنظيم الذاتي، وهو ما يفرغ مفهوم الديمقراطية المهنية من مضمونه، ويحول الانتخابات إلى منافسة شخصية تنتج أفرادا بلا مساءلة تنظيمية؛
- خروج الصيغة الحالية للمشروع عن الفلسفة التي بني عليها القانون رقم 90.13 المحدث للمجلس الوطني للصحافة، نظرا أن التجربة الأولى من انتخابات المجلس سنة 2018 قامت على الاقتراع باللائحة المرتبطة بالتنظيمات، وهو ما ضمن نوعا من التعدد المهني، لذلك نعتبر نحن كنقابة وطنية للصحافة المغربية التخلي عن هذا المنطق اليوم يمثل انتكاسة تنظيمية وخرقا لمبدأ الاستمرارية المؤسساتية، بل وخرق غير مباشر لمبدأ المساواة بين المهن والقطاعات المشكلة لقطاع الصحافة ببلادنا، وهذا راجع للصيغة الفردية التي يمكن أن تجعل المجلس محتكرا على مستوى التمثيل من إحدى هذه القطاعات، الأمر الذي يجعلنا أمام إقصاء فئة على حساب أخرى، وهو ما يتنافى مع مبدأ التعددية؛
- سقف كل تشريع في القطاع يبدأ من الدستور ومن الخطب الملكية ذات الصلة بالقطاع، ومنها خطاب العرش لسنة 2004، الذي يلح على التعاقد والتشاور مع الهيئات المهنية. وبالتالي فتصحيح المسار التشريعي ضرورة مجتمعية مطلوبة وأي معاكسة لها بمنطق عددي مآلاتها تكريس وضع غير دستوري يرجع بالتجربة المغربية الى الوراء ولا ينسجم مع ما حققته بلادنا من مكتسبات حقوقية وديمقراطية.
الزميلات الزملاء :
ان تركيزنا على هذه المادة لا يعني أننا راضون على هذا المشروع الذي جاء دون انتظارات النقابة التي كانت تطمح لإصلاحات جوهرية ومتناسقة تشمل القوانين الثلاثة التي تشكل مدونة الصحافة والنشر، وهو ما أكدناه في وثيقة التشخيص المسلمة للجنة المؤقتة، والتي للأسف الشديد لم نجد لها صدى في هذا المشروع.
لقد طالبنا بتمثيلية وازنة للصحافيين تماشيا مع جوهر التنظيم الذاتي للمهنة، وقلنا إننا في حاجة لمجلس وطني واضح الاختصاصات، خال من الثغرات التي سجلناها طيلة تنزيل مقتضيات القانون السابق، في احترام تام لمبدأ الاستقلالية والانتصار لحرية التعبير.
وعلى كل حال فإن مذكرتنا التي بعثناها للحكومة والفرق البرلمانية تتضمن عددا من هذه التعديلات التي تنطلق من 15 مرتكزا أساسيا.
- التشبث بنظام لوائح المنظمات النقابية المهنية باعتبارها الممثل الشرعي والقانوني للصحافيين؛
- تقوية الهيئات النقابية المهنية ذات الشرعية التاريخية والتمثيلية؛
- الأساس الديمقراطي وتعزيز حرية الصحافة وحرية التعبير؛
- رفع عدد الصحافيين المهنيين في المجلس مع المناصفة؛
- إلزام اللوائح بتمثيلية القطاعات.
- تعليق لوائح المهنيين.
- التناوب على رئاسة المجلس.
- بخصوص لجنة الأخلاقيات والتأديب، توسيع مجال الضمانات وقرينة البراءة ومبدأ حسن النية والحق في الدفاع المكرس دستوريا.
- التجرد والحياد والنزاهة اتجاه طرفي الخصومة وعدم تغليب المركز القانوني لأي طرف مهما كان والسيادة للقانون والآداب.
- حقوق الجمهور والفئات الخاصة.
- ولاية من 4 سنوات بدل 5 سنوات.
- تقوية الوساطة والحلول الودية.
- تقوية المقاولة المهنية.
- المساهمة في تحصين المكتسبات الاجتماعية والمهنية وتطويرها بشكل يستجيب لحجم المطالب والانتظارات بدل انتهاكها وضربها.
- ضمان الاستقرار الوظيفي للعاملات والعاملين مستخدمي ومستخدمات المجلس الوطني للصحافة كرافعة للإدارة العصرية والحديثة المبنية على القانون والاحترام والتعددية النقابية انسجاما والتزامات بلادنا الدولية والدستور والقوانين ذات الصلة.
- التعديلات:
أهم التعديلات تمس الشكل والمضامين رفقته باللون الأحمر (مذكرة النقابة الوطنية للصحافة المغربية)
- على سبيل الختم:
وفي الختام تشدد النقابة الوطنية للصحافة المغربية أن هاته اللحظة في تاريخ المغرب مناسبة هامة ومفصلية لإخراج قانون يعزز ويقوي البناء الديمقراطي ويقوي مسار التراكمات الحقوقية والمهنية التي عززتها بلادنا. ولنا كل الأمل في تفاعل الحكومة والبرلمان لتأسيس مرحلة للإعلام ومؤسسات قوية ومزدهرة.
ودامت مهنة الصحافة قوية بمؤسساتها المستقلة والديمقراطية
الرباط في :21 يوليوز 2025
