انطوني بلانجي: ظروف الصحافيين جد صعبة وغير ملائمة في العالم في ظل النزاعات والتوترات
مايكل جيمسن: لابد من مواكبة هذه التحولات والتغييرات
جيم بوملحة: مشكل التحقق من المعلومة تعاني منه جميع الدول
أكد محمد الهيثمي عن الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين على ضرورة التحصين القانوني للمهنة، عبر مراجعة مدونة الصحافة والنشر بقوانينها الثلاث المنظمة للقطاع.
واشار السيد هيثمي في مداخلته خلال الندوة الوطنية الأولى حول موضوع ” التنظيم الذاتي للمهنة” المنظمة يوم الاثنين بالدار البيضاء، والتي أدار اشغالها الزميل عثمان النجاري رئيس المجلس الوطني النقابة الوطنية للصحافة المغربية، أنه لابد من وضع قطيعة مع نظام الدعم القديم للصحافة، والعمل على الحد من التصرفات الغير مسؤولة التي أضرت بالقطاع، وساهمت في تغيير نظرة المجتمع إلى الصحافة.
كما تحدث السيد هيثمي عن الثورة الإلكترونية والرقمية التي احدثت تغيرات واضحة على مهنة الصحافة.
وأكد السيد هيثمي على أننا اصبحنا أمام ظاهرة ” المؤثرين” على مواقع التواصل الاجتماعي.
وشدد المتدخل على ضرورة الزامية تأهيل المقاولة الصحفية ومواكبتها للتطور الرقمي والتكنولوجي، والعمل على تحقيق السيادة الاعلامية على غرار السيادة الغذائية وغيرها لأنها جزء من سيادة الدولة.
وانتهى السيد هيثمي إلى أن تحصين المهنة ينطلق من القوانين والهيآت المؤسساتية والتكوين المستمر للصحفيين واشراك مختلف المتدخلين والعمل على اقرار اتفاقية جماعيةتواكب المتطلبات.
وقال السيد الهيثمي في آخر مداخلته: “التحصين يفرض علينا أن نغير ما بأنفسنا كناشرين وأن نتأقلم مع ما يطلبه المتلقي، وان نعمل على أن نقدم عرضا ومنتوجا نافعا ذا قيمة ومرغوبا فيه وألا ننسى مقولة البقاء للاصلح”.
ومن جهة أخرى، تطرق أنطوني بلانجي الكاتب العام للفيدرالية الدولية للصحافيين، إلى السياق الدولي المرتبط بالحرب على قطاع غزة والمجازر التي ترتكب في حق الصحافيين الفلسطينيين.
وأكد في مداخلته عن بعد، على أن العدوان الإسرائيلي على غزة، خلف حوالي 100 شهيد من أرواح الصحافيين الذين كانوا يقومون بعملهم المهني، مشيرا إلى أن الفيدرالية الدولية للصحافيين تعبر عن تضامنها ومؤازرتها للصحافيين الذي استشهدوا في الحرب.
وسجل، بأن ظروف الصحافيين جد صعبة وغير ملائمة في العالم في ظل ما يعرفه من توترات ونزاعات وغيرها. مشددا على ضرورة وضع ميثاق للاخلاقيات والتنظيم الذاتي للمهنة وتحصينها. وخلص متطرقا إلى تجربة المغرب في هذا السياق من خلال إحداث المجلس الوطني للصحافة وميثاق الأخلاقيات.
وبدوره، ضيف النقابة من بريطانيا الأستاذ والخبير في مجال الإعلام، مايكل جيبمسن، تطرق إلى الإشكالات الكبرى المرتبطة بواقع المهنة وتنظيمها خاصة في جانب الأخلاقيات والتحولات الكبرى مع عصر الرقمنة والذكاء الاصطناعي.
وسجل، بأن هناك تغيرات كبيرة داخل المجتمع والصحافة جزء من المجتمع وبالتالي لابد من مواكبة هذه التحولات والتغييرات.
وأكد على أن هناك شروط لابد من التقيد بها قصد تطوير المهنة وتنظيمها واإرتقاء بها، وعلى رأسها نموذج المقاولة الإعلامية والنظام الاقتصادي، الذي في صلبه تنمية الموارد البشرية وأخلاقيات العمل الصحفي، وتحصين المهنة.
الجلسة الثانية التي سيره أيضا ا عثمان النجاري رئيس المجلس الوطني الفيدرالي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، انصب النقاش فيها حول ” أخلاقيات مهنة الصحافة في مواجهة مد مواقع التواصل الاجتماعي “، أكد فيها جيم بوملحة عن الفيدرالية الدولية للصحافيين ،أن مشكل التحقق من المعلومة في الإعلام الجديد، مشكل لايقتصر على المغرب،بل هو مشكل تعاني منه جميع الدول، كاشفا في مداخلته، عن تراجع دور الإعلام وصعود تأثير مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما أثر على الصحافة وعلى رواتب الصحفيين ،منوها بمقاربة النقابة الوطنية للصحافة المغربية ،هذا الموضوع الذي له راهنيته، مطالبا التكيف مع واقع الحال.
وذكر جاد بوملحة بإحدى التجارب البريطانية في هذا المجال، وأشار بالتحديد إلى جريدة الغارديان ،التي تعد من كبريات الصحف الورقية ،حيث تباع بالمجان، لكن توجهت إلى قرائها الذين يساهمون في تمويلها ، ،وهي الفكرة التي تدر على مالكيها أرباحا كبيرة.
وأوضح بوملحة أن الصحف الإلكترونية تستند على نقرات قرائها مسجلا عملية التزوير التي تشوب هذه العملية وهذا مايضرب أخلاقيات المهنة في الصميم،معرجا في كلمته على ماجاء في مدونة أخلاقيات الصحفيين الذي صيغت في الثلاثينيات من القرن الماضي، والتي عرفت مراجعات عديدة ،كان آخرها السنة الماضية بتونس، حيث تم التصويت عليها بالإجماع.
ورأى أن الجواب على هذه المعضلة يجب أن يكون على أعلى مستوى خاصة فيما يتعلق بالأخبار الزائفة والمضللة،إذ على الحكومات أن تدخل على الخط، والتوعية بدور الإعلام، من خلال إدراج ذلك في المناهج الدراسية، مذكرا بالمبادىء الأساسية التي يجب التمسك بها من طرف الصحفي،وتتمثل في قول الحقيقة، الاستقلالية والتضامن.
الخبير البريطاني في الإعلام، مايكل جيبمس، كشف في مداخلته، أنه من أجل أن تكون صحفيا، عليك أن تناضل من أجل الحقيقة والاستقلالية والتحقق مما ينشر، موضحا أنه في بريطانيا هناك نظام للعمل وضع سنة1936،يضم موادا خاصة بمدونة السلوك، منها معاقبة الصحفي المخطىء، مشددا على ضرورة أن نجعل المتلقي يثق في المعلومات التي نقدمها له، لكن مع دخول مواقع التواصل الاجتماعي على الخط، أصبحت مأمورية التحقق من المعلومة صعبة، وهو مايضع الصحفي وسط المسؤولية أكثر، إذ في بعض الأحيان يصبح السبق هدفا على حساب التحقق من المعلومة.
وذكر مايكل جيبمس بالورشات والدورات التكوينية التي أجريت في هذا الباب، مذكرا بالأخبار والمعلومات التي تتداول في مواقع التواصل الاجتماعي، وتكون في الكثير من الأحيان مخادعة، خاصةبالنسبة للصورة، موضحا أن هناك بعض وسائل الإعلام التي تتوفر على آليات للتأكد من مصدر الصورة مثل قناة الجزيرة وفرانس 24،مثيرا أيضا مايطرحه الوضع بخصوص الملكية الفكرية ،ومايطرحه أيضا الذكاء الاصطناعي، إذ يجب كما يقول، الوعي بالأخطار التي يطرحها هذا المستجد للمحافظة على إنسانيتنا.
منير زعرور خبير مختص لدى الاتحاد الدولي للصحافيين، أثار في مداخلته عدة ملاحظات، منها مسألة التأثير والتأثر بمواقع التواصل الاجتماعي، وكيفية تنظيم هذا المجال، والطرق هنا يقول، ليست موحدة في جميع الدول، متطرقا إلى التجارب في هذا الباب، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية التي منحت الضوء الأخضر للتنظيم الذاتي.
وأوضح منير زعرور، أن تطور الصحافة في أمريكا وأوروبا كان نتيجة وجود بيئة ضامنة لحرية التعبير، تنعكس على مستوى عمل الصحفيين.
وكشف المتدخل ،أن هناك الكثير من الفاعلين الذين ينتجون محتويات ومعلومات ،وأصبح ذلك جزءا طبيعيا من المحيط البيئي للصحافة، مثيرا مسألة مجالس الصحافة والتحديات المفروضة عليها اليوم في العصر الرقمي، وكذلك الظواهر الجديدة المرتبطة بالتقنيات الجديدة، منها البث المباشر وكيفية تأطيره،و المحتويات الممولة، وكيفية تصحيح الأخطاء في المحتويات المنشورة.
حنان رحاب نائبة رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، شددت في تعقيبها على العديد من النقاط، منها مسؤولية الصحفي والناشر، ولماذا يطلب من الصحفي الانضباط لما يقرره الناشر ،موضحة أن ضرب الأخلاقيات مسؤول عنه الناشر بالدرجة الأولى، داعية إلى الكف عن جلد الصحفي، في الوقت الذي نجده مهضوم الحقوق، مذكرة في نفس الآن ببعض السلوكيات التي تضرب في الصميم حقوق الإنسان، وعلى رأسها حقوق المرأة، وخرق الاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية بل خرق الدستور نفسه.
ودعت حنان رحاب، إلى إعادة النظر في العقوبات ضد الصحفيين، مشددة على أنه من يجب متابعته هم الناشرون على اعتبار أنهم المسؤولون عن الخط التحريري وعن كل مايتم نشره وليس الصحفي.


